عبد الباسط عبد الصمد

عبد الباسط عبد الصمد (1345 - 1409 هـ)، قارئ قرآن مصري ويعد أحد أعلام هذا المجال البارزين، وقد لُقّب بـ"صوت مكة". حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كتاب قريته. أخذ القراءات على يد الشيخ المتقن محمد سليم حمادة. دخل الإذاعة المصرية سنة 1951، وكانت أول تلاواته من سورة فاطر. عُيّن قارئًا لمسجد الإمام الشافعي سنة 1952، ثم لمسجد الإمام الحسين سنة 1958 خلفًا للشيخ محمود علي البنا. ترك للإذاعة ثروة من التسجيلات إلى جانب المصحفين المرتل والمجود ومصاحف مرتلة لبلدان عربية وإسلامية. جاب بلاد العالم سفيراً لكتاب الله، وكان أول نقيب لقراء مصر سنة 1984.

مولده ونشأته:

ولد القارئ الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد عام 1345 هـ/ 1927 م بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا (قبل أن يضم مركز أرمنت إلى محافظة الأقصر سنة 2009 مع تأسيسها) بجنوب الصعيد. حيث نشأ في بيئة تهتم بالقرآن الكريم حفظاً وتجويداً. فالجد الشيخ عبد الصمد كان من الحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، والوالد هو الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويداً. أما الشقيقان محمود وعبد الحميد فكانا يحفظان القرآن بالكتاب فلحق بهما أخوهما الأصغر سنّاً عبد الباسط وهو في السادسة من عمره.

التحق الطفل الموهوب عبد الباسط بكتاب الشيخ الأمير بأرمنت فاستقبله شيخه أحسن استقبال؛ لأنه توسم فيه كل المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يُتلَى بالبيت ليل نهار بكرةً وأصيلاً.

لاحظ الشيخ على تلميذه الموهوب أنه يتميز بجملةٍ من المواهب والنبوغ تتمثل في سرعة استيعابه لما أخذه من القرآن وشدة انتباهه وحرصه على متابعة شيخه بشغف وحب، ودقة التحكم في مخارج الألفاظ والوقف والابتداء وعذوبة في الصوت تشنف الآذان بالسماع والاستماع. وأثناء عودته إلى البيت كان يرتل ما سمعه من الشيخ رفعت بصوته القوي الجميل متمتعًا بأداءٍ طيبٍ يستوقف كل ذي سمع.

دخوله الإذاعة المصرية:

مع نهاية عام 1951 طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارئ بها ولكن الشيخ عبد الباسط أراد أن يؤجل هذا الموضوع نظراً لارتباطهِ بمسقط رأسه وأهله ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص. ولكنه تقدم بالنهاية.

كان الشيخ الضباع قد حصل على تسجيل لتلاوة الشيخ عبد الباسط بالمولد الزينبي وقدم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن واعتمد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد قرائها. وبعد الشهرة التي حققها الشيخ عبد الباسط في بضعة أشهر كان لابد من إقامة دائمة في القاهرة مع أسرته التي نقلها معهُ إلى حي السيدة زينب.

بسبب التحاقه بالإذاعة زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها في ذلك الوقت وانتشرت بمعظم البيوت للاستماع إلى صوت الشيخ عبد الباسط، وكان الذي يمتلك (راديو) في منطقة أو قرية من القرى كان يقوم برفع صوت الراديو لأعلى درجة حتى يتمكن الجيران من سماع الشيخ عبد الباسط وهم بمنازلهم وخاصة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً.

مرضه ووفاته:

أصيب بمضاعفات مرض السكري أواخر أيامهِ وكان يحاول مقاومة المرض بالحرص الشديد والالتزام في تناول الطعام والمشروبات ولكن تزامن الكسل الكبدي مع مرض السكر فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين معا، فأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيلهِ بأقل من شهر فدخل المستشفى إلا أن صحته تدهورت مما دفع أبناءه والأطباء إلى نصحهِ بالسفر ليعالج مرضه في مستشفيات لندن، ولقد مكث بها أسبوعاً، وكان بصحبتهِ ابنه طارق فطلب منهُ أن يعود بهِ إلى مصر.

توفي يوم الأربعاء 30 نوفمبر 1988 م، وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، فحضر تشييع الجنازة جمع غفير من الناس يتضمنهم سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديراً لدورهِ في مجال الدعوة بأشكالها كافة.

منذ ٦ سنين - ٢١ مارس ٢٠١٨ ١٤٤٥ ٢٠.٩١٢ MB ٧٢٧
  • بطئى 0.5
  • بطئى 0.75
  • اعتيادي 1
  • سريع 1.5
  • سريع 2
0:00
0:00

الجزء الثاني عشر

عبد الصمد عبد الباسط

الجزء الثاني عشر
100%
محتوى المقطع :

وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّـهِ رِزقُها وَيَعلَمُ مُستَقَرَّها وَمُستَودَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ ﴿٦﴾ وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ وَكانَ عَرشُهُ عَلَى الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا وَلَئِن قُلتَ إِنَّكُم مَبعوثونَ مِن بَعدِ المَوتِ لَيَقولَنَّ الَّذينَ كَفَروا إِن هـذا إِلّا سِحرٌ مُبينٌ﴿٧﴾ وَلَئِن أَخَّرنا عَنهُمُ العَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعدودَةٍ لَيَقولُنَّ ما يَحبِسُهُ أَلا يَومَ يَأتيهِم لَيسَ مَصروفًا عَنهُم وَحاقَ بِهِم ما كانوا بِهِ يَستَهزِئونَ ﴿٨﴾ وَلَئِن أَذَقنَا الإِنسانَ مِنّا رَحمَةً ثُمَّ نَزَعناها مِنهُ إِنَّهُ لَيَئوسٌ كَفورٌ ﴿٩﴾ وَلَئِن أَذَقناهُ نَعماءَ بَعدَ ضَرّاءَ مَسَّتهُ لَيَقولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخورٌ﴿١٠﴾ إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولـئِكَ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ كَبيرٌ ﴿١١﴾ فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعضَ ما يوحى إِلَيكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدرُكَ أَن يَقولوا لَولا أُنزِلَ عَلَيهِ كَنزٌ أَو جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنتَ نَذيرٌ وَاللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ﴿١٢﴾ أَم يَقولونَ افتَراهُ قُل فَأتوا بِعَشرِ سُوَرٍ مِثلِهِ مُفتَرَياتٍ وَادعوا مَنِ استَطَعتُم مِن دونِ اللَّـهِ إِن كُنتُم صادِقينَ ﴿١٣﴾ فَإِلَّم يَستَجيبوا لَكُم فَاعلَموا أَنَّما أُنزِلَ بِعِلمِ اللَّـهِ وَأَن لا إِلـهَ إِلّا هُوَ فَهَل أَنتُم مُسلِمونَ ﴿١٤﴾ مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ﴿١٥﴾ أُولـئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ ﴿١٦﴾ أَفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ وَيَتلوهُ شاهِدٌ مِنهُ وَمِن قَبلِهِ كِتابُ موسى إِمامًا وَرَحمَةً أُولـئِكَ يُؤمِنونَ بِهِ وَمَن يَكفُر بِهِ مِنَ الأَحزابِ فَالنّارُ مَوعِدُهُ فَلا تَكُ في مِريَةٍ مِنهُ إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّكَ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يُؤمِنونَ ﴿١٧﴾ وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أُولـئِكَ يُعرَضونَ عَلى رَبِّهِم وَيَقولُ الأَشهادُ هـؤُلاءِ الَّذينَ كَذَبوا عَلى رَبِّهِم أَلا لَعنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظّالِمينَ ﴿١٨﴾ الَّذينَ يَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّـهِ وَيَبغونَها عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُم كافِرونَ ﴿١٩﴾ أُولـئِكَ لَم يَكونوا مُعجِزينَ فِي الأَرضِ وَما كانَ لَهُم مِن دونِ اللَّـهِ مِن أَولِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ العَذابُ ما كانوا يَستَطيعونَ السَّمعَ وَما كانوا يُبصِرونَ ﴿٢٠﴾ أُولـئِكَ الَّذينَ خَسِروا أَنفُسَهُم وَضَلَّ عَنهُم ما كانوا يَفتَرونَ ﴿٢١﴾ لا جَرَمَ أَنَّهُم فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخسَرونَ ﴿٢٢﴾ إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَأَخبَتوا إِلى رَبِّهِم أُولـئِكَ أَصحابُ الجَنَّةِ هُم فيها خالِدونَ ﴿٢٣﴾ مَثَلُ الفَريقَينِ كَالأَعمى وَالأَصَمِّ وَالبَصيرِ وَالسَّميعِ هَل يَستَوِيانِ مَثَلًا أَفَلا تَذَكَّرونَ﴿٢٤﴾ وَلَقَد أَرسَلنا نوحًا إِلى قَومِهِ إِنّي لَكُم نَذيرٌ مُبينٌ﴿٢٥﴾ أَن لا تَعبُدوا إِلَّا اللَّـهَ إِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ أَليمٍ ﴿٢٦﴾ فَقالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ ما نَراكَ إِلّا بَشَرًا مِثلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذينَ هُم أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأيِ وَما نَرى لَكُم عَلَينا مِن فَضلٍ بَل نَظُنُّكُم كاذِبينَ ﴿٢٧﴾ قالَ يا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي وَآتاني رَحمَةً مِن عِندِهِ فَعُمِّيَت عَلَيكُم أَنُلزِمُكُموها وَأَنتُم لَها كارِهونَ ﴿٢٨﴾ وَيا قَومِ لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ مالًا إِن أَجرِيَ إِلّا عَلَى اللَّـهِ وَما أَنا بِطارِدِ الَّذينَ آمَنوا إِنَّهُم مُلاقو رَبِّهِم وَلـكِنّي أَراكُم قَومًا تَجهَلونَ ﴿٢٩﴾ وَيا قَومِ مَن يَنصُرُني مِنَ اللَّـهِ إِن طَرَدتُهُم أَفَلا تَذَكَّرونَ ﴿٣٠﴾ وَلا أَقولُ لَكُم عِندي خَزائِنُ اللَّـهِ وَلا أَعلَمُ الغَيبَ وَلا أَقولُ إِنّي مَلَكٌ وَلا أَقولُ لِلَّذينَ تَزدَري أَعيُنُكُم لَن يُؤتِيَهُمُ اللَّـهُ خَيرًا اللَّـهُ أَعلَمُ بِما في أَنفُسِهِم إِنّي إِذًا لَمِنَ الظّالِمينَ ﴿٣١﴾ قالوا يا نوحُ قَد جادَلتَنا فَأَكثَرتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ ﴿٣٢﴾ قالَ إِنَّما يَأتيكُم بِهِ اللَّـهُ إِن شاءَ وَما أَنتُم بِمُعجِزينَ ﴿٣٣﴾ وَلا يَنفَعُكُم نُصحي إِن أَرَدتُ أَن أَنصَحَ لَكُم إِن كانَ اللَّـهُ يُريدُ أَن يُغوِيَكُم هُوَ رَبُّكُم وَإِلَيهِ تُرجَعونَ ﴿٣٤﴾ أَم يَقولونَ افتَراهُ قُل إِنِ افتَرَيتُهُ فَعَلَيَّ إِجرامي وَأَنا بَريءٌ مِمّا تُجرِمونَ ﴿٣٥﴾ وَأوحِيَ إِلى نوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلّا مَن قَد آمَنَ فَلا تَبتَئِس بِما كانوا يَفعَلونَ ﴿٣٦﴾ وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنا وَوَحيِنا وَلا تُخاطِبني فِي الَّذينَ ظَلَموا إِنَّهُم مُغرَقونَ ﴿٣٧﴾ وَيَصنَعُ الفُلكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيهِ مَلَأٌ مِن قَومِهِ سَخِروا مِنهُ قالَ إِن تَسخَروا مِنّا فَإِنّا نَسخَرُ مِنكُم كَما تَسخَرونَ ﴿٣٨﴾فَسَوفَ تَعلَمونَ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ ﴿٣٩﴾ حَتّى إِذا جاءَ أَمرُنا وَفارَ التَّنّورُ قُلنَا احمِل فيها مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلّا مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلّا قَليلٌ ﴿٤٠﴾ وَقالَ اركَبوا فيها بِسمِ اللَّـهِ مَجراها وَمُرساها إِنَّ رَبّي لَغَفورٌ رَحيمٌ ﴿٤١﴾ وَهِيَ تَجري بِهِم في مَوجٍ كَالجِبالِ وَنادى نوحٌ ابنَهُ وَكانَ في مَعزِلٍ يا بُنَيَّ اركَب مَعَنا وَلا تَكُن مَعَ الكافِرينَ ﴿٤٢﴾ قالَ سَآوي إِلى جَبَلٍ يَعصِمُني مِنَ الماءِ قالَ لا عاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللَّـهِ إِلّا مَن رَحِمَ وَحالَ بَينَهُمَا المَوجُ فَكانَ مِنَ المُغرَقينَ ﴿٤٣﴾ وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي وَغيضَ الماءُ وَقُضِيَ الأَمرُ وَاستَوَت عَلَى الجودِيِّ وَقيلَ بُعدًا لِلقَومِ الظّالِمينَ ﴿٤٤﴾ وَنادى نوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابني مِن أَهلي وَإِنَّ وَعدَكَ الحَقُّ وَأَنتَ أَحكَمُ الحاكِمينَ ﴿٤٥﴾ قالَ يا نوحُ إِنَّهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صالِحٍ فَلا تَسأَلنِ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنّي أَعِظُكَ أَن تَكونَ مِنَ الجاهِلينَ ﴿٤٦﴾ قالَ رَبِّ إِنّي أَعوذُ بِكَ أَن أَسأَلَكَ ما لَيسَ لي بِهِ عِلمٌ وَإِلّا تَغفِر لي وَتَرحَمني أَكُن مِنَ الخاسِرينَ ﴿٤٧﴾قيلَ يا نوحُ اهبِط بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَيكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّن مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُم ثُمَّ يَمَسُّهُم مِنّا عَذابٌ أَليمٌ ﴿٤٨﴾ تِلكَ مِن أَنباءِ الغَيبِ نوحيها إِلَيكَ ما كُنتَ تَعلَمُها أَنتَ وَلا قَومُكَ مِن قَبلِ هـذا فَاصبِر إِنَّ العاقِبَةَ لِلمُتَّقينَ ﴿٤٩﴾ وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ إِن أَنتُم إِلّا مُفتَرونَ ﴿٥٠﴾ يا قَومِ لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِن أَجرِيَ إِلّا عَلَى الَّذي فَطَرَني أَفَلا تَعقِلونَ ﴿٥١﴾ وَيا قَومِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُم وَلا تَتَوَلَّوا مُجرِمينَ ﴿٥٢﴾ قالوا يا هودُ ما جِئتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحنُ بِتارِكي آلِهَتِنا عَن قَولِكَ وَما نَحنُ لَكَ بِمُؤمِنينَ ﴿٥٣﴾ إِن نَقولُ إِلَّا اعتَراكَ بَعضُ آلِهَتِنا بِسوءٍ قالَ إِنّي أُشهِدُ اللَّـهَ وَاشهَدوا أَنّي بَريءٌ مِمّا تُشرِكونَ ﴿٥٤﴾ مِن دونِهِ فَكيدوني جَميعًا ثُمَّ لا تُنظِرونِ ﴿٥٥﴾ إِنّي تَوَكَّلتُ عَلَى اللَّـهِ رَبّي وَرَبِّكُم ما مِن دابَّةٍ إِلّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبّي عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ﴿٥٦﴾ فَإِن تَوَلَّوا فَقَد أَبلَغتُكُم ما أُرسِلتُ بِهِ إِلَيكُم وَيَستَخلِفُ رَبّي قَومًا غَيرَكُم وَلا تَضُرّونَهُ شَيئًا إِنَّ رَبّي عَلى كُلِّ شَيءٍ حَفيظٌ ﴿٥٧﴾ وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا هودًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَنَجَّيناهُم مِن عَذابٍ غَليظٍ﴿٥٨﴾ وَتِلكَ عادٌ جَحَدوا بِآياتِ رَبِّهِم وَعَصَوا رُسُلَهُ وَاتَّبَعوا أَمرَ كُلِّ جَبّارٍ عَنيدٍ ﴿٥٩﴾ وَأُتبِعوا في هـذِهِ الدُّنيا لَعنَةً وَيَومَ القِيامَةِ أَلا إِنَّ عادًا كَفَروا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِعادٍ قَومِ هودٍ﴿٦٠﴾ وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فيها فَاستَغفِروهُ ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي قَريبٌ مُجيبٌ ﴿٦١﴾قالوا يا صالِحُ قَد كُنتَ فينا مَرجُوًّا قَبلَ هـذا أَتَنهانا أَن نَعبُدَ ما يَعبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفي شَكٍّ مِمّا تَدعونا إِلَيهِ مُريبٍ﴿٦٢﴾ قالَ يا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي وَآتاني مِنهُ رَحمَةً فَمَن يَنصُرُني مِنَ اللَّـهِ إِن عَصَيتُهُ فَما تَزيدونَني غَيرَ تَخسيرٍ ﴿٦٣﴾ وَيا قَومِ هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ فَيَأخُذَكُم عَذابٌ قَريبٌ ﴿٦٤﴾ فَعَقَروها فَقالَ تَمَتَّعوا في دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوبٍ ﴿٦٥﴾ فَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزيزُ ﴿٦٦﴾ وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ ﴿٦٧﴾ كَأَن لَم يَغنَوا فيها أَلا إِنَّ ثَمودَ كَفَروا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِثَمودَ ﴿٦٨﴾ وَلَقَد جاءَت رُسُلُنا إِبراهيمَ بِالبُشرى قالوا سَلامًا قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَن جاءَ بِعِجلٍ حَنيذٍ ﴿٦٩﴾ فَلَمّا رَأى أَيدِيَهُم لا تَصِلُ إِلَيهِ نَكِرَهُم وَأَوجَسَ مِنهُم خيفَةً قالوا لا تَخَف إِنّا أُرسِلنا إِلى قَومِ لوطٍ﴿٧٠﴾ وَامرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَت فَبَشَّرناها بِإِسحاقَ وَمِن وَراءِ إِسحاقَ يَعقوبَ ﴿٧١﴾ قالَت يا وَيلَتى أَأَلِدُ وَأَنا عَجوزٌ وَهـذا بَعلي شَيخًا إِنَّ هـذا لَشَيءٌ عَجيبٌ ﴿٧٢﴾ قالوا أَتَعجَبينَ مِن أَمرِ اللَّـهِ رَحمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيكُم أَهلَ البَيتِ إِنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ﴿٧٣﴾ فَلَمّا ذَهَبَ عَن إِبراهيمَ الرَّوعُ وَجاءَتهُ البُشرى يُجادِلُنا في قَومِ لوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبراهيمَ لَحَليمٌ أَوّاهٌ مُنيبٌ﴿٧٥﴾ يا إِبراهيمُ أَعرِض عَن هـذا إِنَّهُ قَد جاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُم آتيهِم عَذابٌ غَيرُ مَردودٍ ﴿٧٦﴾ وَلَمّا جاءَت رُسُلُنا لوطًا سيءَ بِهِم وَضاقَ بِهِم ذَرعًا وَقالَ هـذا يَومٌ عَصيبٌ﴿٧٧﴾ وَجاءَهُ قَومُهُ يُهرَعونَ إِلَيهِ وَمِن قَبلُ كانوا يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ قالَ يا قَومِ هـؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أَطهَرُ لَكُم فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَلا تُخزونِ في ضَيفي أَلَيسَ مِنكُم رَجُلٌ رَشيدٌ ﴿٧٨﴾قالوا لَقَد عَلِمتَ ما لَنا في بَناتِكَ مِن حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعلَمُ ما نُريدُ ﴿٧٩﴾ قالَ لَو أَنَّ لي بِكُم قُوَّةً أَو آوي إِلى رُكنٍ شَديدٍ﴿٨٠﴾ قالوا يا لوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلوا إِلَيكَ فَأَسرِ بِأَهلِكَ بِقِطعٍ مِنَ اللَّيلِ وَلا يَلتَفِت مِنكُم أَحَدٌ إِلَّا امرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصيبُها ما أَصابَهُم إِنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ أَلَيسَ الصُّبحُ بِقَريبٍ﴿٨١﴾ فَلَمّا جاءَ أَمرُنا جَعَلنا عالِيَها سافِلَها وَأَمطَرنا عَلَيها حِجارَةً مِن سِجّيلٍ مَنضودٍ ﴿٨٢﴾ مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظّالِمينَ بِبَعيدٍ ﴿٨٣﴾ وَإِلى مَديَنَ أَخاهُم شُعَيبًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ إِنّي أَراكُم بِخَيرٍ وَإِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ مُحيطٍ ﴿٨٤﴾ وَيا قَومِ أَوفُوا المِكيالَ وَالميزانَ بِالقِسطِ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ﴿٨٥﴾ بَقِيَّتُ اللَّـهِ خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ وَما أَنا عَلَيكُم بِحَفيظٍ ﴿٨٦﴾ قالوا يا شُعَيبُ أَصَلاتُكَ تَأمُرُكَ أَن نَترُكَ ما يَعبُدُ آباؤُنا أَو أَن نَفعَلَ في أَموالِنا ما نَشاءُ إِنَّكَ لَأَنتَ الحَليمُ الرَّشيدُ ﴿٨٧﴾ قالَ يا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي وَرَزَقَني مِنهُ رِزقًا حَسَنًا وَما أُريدُ أَن أُخالِفَكُم إِلى ما أَنهاكُم عَنهُ إِن أُريدُ إِلَّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّـهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ ﴿٨٨﴾ وَيا قَومِ لا يَجرِمَنَّكُم شِقاقي أَن يُصيبَكُم مِثلُ ما أَصابَ قَومَ نوحٍ أَو قَومَ هودٍ أَو قَومَ صالِحٍ وَما قَومُ لوطٍ مِنكُم بِبَعيدٍ﴿٨٩﴾ وَاستَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي رَحيمٌ وَدودٌ﴿٩٠﴾ قالوا يا شُعَيبُ ما نَفقَهُ كَثيرًا مِمّا تَقولُ وَإِنّا لَنَراكَ فينا ضَعيفًا وَلَولا رَهطُكَ لَرَجَمناكَ وَما أَنتَ عَلَينا بِعَزيزٍ﴿٩١﴾ قالَ يا قَومِ أَرَهطي أَعَزُّ عَلَيكُم مِنَ اللَّـهِ وَاتَّخَذتُموهُ وَراءَكُم ظِهرِيًّا إِنَّ رَبّي بِما تَعمَلونَ مُحيطٌ ﴿٩٢﴾ وَيا قَومِ اعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّي عامِلٌ سَوفَ تَعلَمونَ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَمَن هُوَ كاذِبٌ وَارتَقِبوا إِنّي مَعَكُم رَقيبٌ﴿٩٣﴾ وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ ﴿٩٤﴾ كَأَن لَم يَغنَوا فيها أَلا بُعدًا لِمَديَنَ كَما بَعِدَت ثَمودُ ﴿٩٥﴾ وَلَقَد أَرسَلنا موسى بِآياتِنا وَسُلطانٍ مُبينٍ﴿٩٦﴾ إِلى فِرعَونَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعوا أَمرَ فِرعَونَ وَما أَمرُ فِرعَونَ بِرَشيدٍ ﴿٩٧﴾ يَقدُمُ قَومَهُ يَومَ القِيامَةِ فَأَورَدَهُمُ النّارَ وَبِئسَ الوِردُ المَورودُ﴿٩٨﴾ وَأُتبِعوا في هـذِهِ لَعنَةً وَيَومَ القِيامَةِ بِئسَ الرِّفدُ المَرفودُ﴿٩٩﴾ ذلِكَ مِن أَنباءِ القُرى نَقُصُّهُ عَلَيكَ مِنها قائِمٌ وَحَصيدٌ﴿١٠٠﴾ وَما ظَلَمناهُم وَلـكِن ظَلَموا أَنفُسَهُم فَما أَغنَت عَنهُم آلِهَتُهُمُ الَّتي يَدعونَ مِن دونِ اللَّـهِ مِن شَيءٍ لَمّا جاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَما زادوهُم غَيرَ تَتبيبٍ ﴿١٠١﴾ وَكَذلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَليمٌ شَديدٌ﴿١٠٢﴾ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِمَن خافَ عَذابَ الآخِرَةِ ذلِكَ يَومٌ مَجموعٌ لَهُ النّاسُ وَذلِكَ يَومٌ مَشهودٌ ﴿١٠٣﴾ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلّا لِأَجَلٍ مَعدودٍ ﴿١٠٤﴾ يَومَ يَأتِ لا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلّا بِإِذنِهِ فَمِنهُم شَقِيٌّ وَسَعيدٌ ﴿١٠٥﴾ فَأَمَّا الَّذينَ شَقوا فَفِي النّارِ لَهُم فيها زَفيرٌ وَشَهيقٌ ﴿١٠٦﴾ خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُريدُ ﴿١٠٧﴾ وَأَمَّا الَّذينَ سُعِدوا فَفِي الجَنَّةِ خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيرَ مَجذوذٍ﴿١٠٨﴾ فَلا تَكُ في مِريَةٍ مِمّا يَعبُدُ هـؤُلاءِ ما يَعبُدونَ إِلّا كَما يَعبُدُ آباؤُهُم مِن قَبلُ وَإِنّا لَمُوَفّوهُم نَصيبَهُم غَيرَ مَنقوصٍ ﴿١٠٩﴾وَلَقَد آتَينا موسَى الكِتابَ فَاختُلِفَ فيهِ وَلَولا كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَبِّكَ لَقُضِيَ بَينَهُم وَإِنَّهُم لَفي شَكٍّ مِنهُ مُريبٍ ﴿١١٠﴾وَإِنَّ كُلًّا لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُم رَبُّكَ أَعمالَهُم إِنَّهُ بِما يَعمَلونَ خَبيرٌ﴿١١١﴾ فَاستَقِم كَما أُمِرتَ وَمَن تابَ مَعَكَ وَلا تَطغَوا إِنَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ ﴿١١٢﴾ وَلا تَركَنوا إِلَى الَّذينَ ظَلَموا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ وَما لَكُم مِن دونِ اللَّـهِ مِن أَولِياءَ ثُمَّ لا تُنصَرونَ ﴿١١٣﴾ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ ﴿١١٤﴾وَاصبِر فَإِنَّ اللَّـهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ ﴿١١٥﴾ فَلَولا كانَ مِنَ القُرونِ مِن قَبلِكُم أُولو بَقِيَّةٍ يَنهَونَ عَنِ الفَسادِ فِي الأَرضِ إِلّا قَليلًا مِمَّن أَنجَينا مِنهُم وَاتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَموا ما أُترِفوا فيهِ وَكانوا مُجرِمينَ ﴿١١٦﴾ وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهلِكَ القُرى بِظُلمٍ وَأَهلُها مُصلِحونَ ﴿١١٧﴾ وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَ﴿١١٨﴾ إِلّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجمَعينَ ﴿١١٩﴾ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هـذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ ﴿١٢٠﴾ وَقُل لِلَّذينَ لا يُؤمِنونَ اعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّا عامِلونَ ﴿١٢١﴾وَانتَظِروا إِنّا مُنتَظِرونَ ﴿١٢٢﴾ وَلِلَّـهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ ﴿١٢٣﴾

﴿ يوسف ﴾
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
الر تِلكَ آياتُ الكِتابِ المُبينِ ﴿١﴾ إِنّا أَنزَلناهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلونَ ﴿٢﴾ نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هـذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلينَ﴿٣﴾ إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لي ساجِدينَ ﴿٤﴾ قالَ يا بُنَيَّ لا تَقصُص رُؤياكَ عَلى إِخوَتِكَ فَيَكيدوا لَكَ كَيدًا إِنَّ الشَّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ ﴿٥﴾ وَكَذلِكَ يَجتَبيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأويلِ الأَحاديثِ وَيُتِمُّ نِعمَتَهُ عَلَيكَ وَعَلى آلِ يَعقوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيكَ مِن قَبلُ إِبراهيمَ وَإِسحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَليمٌ حَكيمٌ ﴿٦﴾ لَقَد كانَ في يوسُفَ وَإِخوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلينَ ﴿٧﴾ إِذ قالوا لَيوسُفُ وَأَخوهُ أَحَبُّ إِلى أَبينا مِنّا وَنَحنُ عُصبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفي ضَلالٍ مُبينٍ ﴿٨﴾اقتُلوا يوسُفَ أَوِ اطرَحوهُ أَرضًا يَخلُ لَكُم وَجهُ أَبيكُم وَتَكونوا مِن بَعدِهِ قَومًا صالِحينَ ﴿٩﴾ قالَ قائِلٌ مِنهُم لا تَقتُلوا يوسُفَ وَأَلقوهُ في غَيابَتِ الجُبِّ يَلتَقِطهُ بَعضُ السَّيّارَةِ إِن كُنتُم فاعِلينَ ﴿١٠﴾ قالوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأمَنّا عَلى يوسُفَ وَإِنّا لَهُ لَناصِحونَ ﴿١١﴾ أَرسِلهُ مَعَنا غَدًا يَرتَع وَيَلعَب وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ ﴿١٢﴾ قالَ إِنّي لَيَحزُنُني أَن تَذهَبوا بِهِ وَأَخافُ أَن يَأكُلَهُ الذِّئبُ وَأَنتُم عَنهُ غافِلونَ ﴿١٣﴾ قالوا لَئِن أَكَلَهُ الذِّئبُ وَنَحنُ عُصبَةٌ إِنّا إِذًا لَخاسِرونَ ﴿١٤﴾ فَلَمّا ذَهَبوا بِهِ وَأَجمَعوا أَن يَجعَلوهُ في غَيابَتِ الجُبِّ وَأَوحَينا إِلَيهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمرِهِم هـذا وَهُم لا يَشعُرونَ ﴿١٥﴾ وَجاءوا أَباهُم عِشاءً يَبكونَ ﴿١٦﴾ قالوا يا أَبانا إِنّا ذَهَبنا نَستَبِقُ وَتَرَكنا يوسُفَ عِندَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئبُ وَما أَنتَ بِمُؤمِنٍ لَنا وَلَو كُنّا صادِقينَ ﴿١٧﴾ وَجاءوا عَلى قَميصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّـهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ ﴿١٨﴾ وَجاءَت سَيّارَةٌ فَأَرسَلوا وارِدَهُم فَأَدلى دَلوَهُ قالَ يا بُشرى هـذا غُلامٌ وَأَسَرّوهُ بِضاعَةً وَاللَّـهُ عَليمٌ بِما يَعمَلونَ ﴿١٩﴾ وَشَرَوهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ دَراهِمَ مَعدودَةٍ وَكانوا فيهِ مِنَ الزّاهِدينَ ﴿٢٠﴾ وَقالَ الَّذِي اشتَراهُ مِن مِصرَ لِامرَأَتِهِ أَكرِمي مَثواهُ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأويلِ الأَحاديثِ وَاللَّـهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ ﴿٢١﴾ وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ ﴿٢٢﴾ وَراوَدَتهُ الَّتي هُوَ في بَيتِها عَن نَفسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبوابَ وَقالَت هَيتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّـهِ إِنَّهُ رَبّي أَحسَنَ مَثوايَ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظّالِمونَ ﴿٢٣﴾ وَلَقَد هَمَّت بِهِ وَهَمَّ بِها لَولا أَن رَأى بُرهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السّوءَ وَالفَحشاءَ إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُخلَصينَ ﴿٢٤﴾ وَاستَبَقَا البابَ وَقَدَّت قَميصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلفَيا سَيِّدَها لَدَى البابِ قالَت ما جَزاءُ مَن أَرادَ بِأَهلِكَ سوءًا إِلّا أَن يُسجَنَ أَو عَذابٌ أَليمٌ ﴿٢٥﴾ قالَ هِيَ راوَدَتني عَن نَفسي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِن أَهلِها إِن كانَ قَميصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَت وَهُوَ مِنَ الكاذِبينَ ﴿٢٦﴾ وَإِن كانَ قَميصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَت وَهُوَ مِنَ الصّادِقينَ ﴿٢٧﴾ فَلَمّا رَأى قَميصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظيمٌ ﴿٢٨﴾ يوسُفُ أَعرِض عَن هـذا وَاستَغفِري لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخاطِئينَ ﴿٢٩﴾ وَقالَ نِسوَةٌ فِي المَدينَةِ امرَأَتُ العَزيزِ تُراوِدُ فَتاها عَن نَفسِهِ قَد شَغَفَها حُبًّا إِنّا لَنَراها في ضَلالٍ مُبينٍ ﴿٣٠﴾ فَلَمّا سَمِعَت بِمَكرِهِنَّ أَرسَلَت إِلَيهِنَّ وَأَعتَدَت لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَت كُلَّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ سِكّينًا وَقالَتِ اخرُج عَلَيهِنَّ فَلَمّا رَأَينَهُ أَكبَرنَهُ وَقَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ وَقُلنَ حاشَ لِلَّـهِ ما هـذا بَشَرًا إِن هـذا إِلّا مَلَكٌ كَريمٌ ﴿٣١﴾ قالَت فَذلِكُنَّ الَّذي لُمتُنَّني فيهِ وَلَقَد راوَدتُهُ عَن نَفسِهِ فَاستَعصَمَ وَلَئِن لَم يَفعَل ما آمُرُهُ لَيُسجَنَنَّ وَلَيَكونًا مِنَ الصّاغِرينَ ﴿٣٢﴾ قالَ رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهِلينَ ﴿٣٣﴾ فَاستَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنهُ كَيدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ ﴿٣٤﴾ ثُمَّ بَدا لَهُم مِن بَعدِ ما رَأَوُا الآياتِ لَيَسجُنُنَّهُ حَتّى حينٍ ﴿٣٥﴾وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنّي أَراني أَعصِرُ خَمرًا وَقالَ الآخَرُ إِنّي أَراني أَحمِلُ فَوقَ رَأسي خُبزًا تَأكُلُ الطَّيرُ مِنهُ نَبِّئنا بِتَأويلِهِ إِنّا نَراكَ مِنَ المُحسِنينَ ﴿٣٦﴾ قالَ لا يَأتيكُما طَعامٌ تُرزَقانِهِ إِلّا نَبَّأتُكُما بِتَأويلِهِ قَبلَ أَن يَأتِيَكُما ذلِكُما مِمّا عَلَّمَني رَبّي إِنّي تَرَكتُ مِلَّةَ قَومٍ لا يُؤمِنونَ بِاللَّـهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُم كافِرونَ ﴿٣٧﴾ وَاتَّبَعتُ مِلَّةَ آبائي إِبراهيمَ وَإِسحاقَ وَيَعقوبَ ما كانَ لَنا أَن نُشرِكَ بِاللَّـهِ مِن شَيءٍ ذلِكَ مِن فَضلِ اللَّـهِ عَلَينا وَعَلَى النّاسِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرونَ ﴿٣٨﴾ يا صاحِبَيِ السِّجنِ أَأَربابٌ مُتَفَرِّقونَ خَيرٌ أَمِ اللَّـهُ الواحِدُ القَهّارُ ﴿٣٩﴾ما تَعبُدونَ مِن دونِهِ إِلّا أَسماءً سَمَّيتُموها أَنتُم وَآباؤُكُم ما أَنزَلَ اللَّـهُ بِها مِن سُلطانٍ إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلَّـهِ أَمَرَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ ﴿٤٠﴾ يا صاحِبَيِ السِّجنِ أَمّا أَحَدُكُما فَيَسقي رَبَّهُ خَمرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصلَبُ فَتَأكُلُ الطَّيرُ مِن رَأسِهِ قُضِيَ الأَمرُ الَّذي فيهِ تَستَفتِيانِ ﴿٤١﴾ وَقالَ لِلَّذي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنهُمَا اذكُرني عِندَ رَبِّكَ فَأَنساهُ الشَّيطانُ ذِكرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجنِ بِضعَ سِنينَ ﴿٤٢﴾ وَقالَ المَلِكُ إِنّي أَرى سَبعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأكُلُهُنَّ سَبعٌ عِجافٌ وَسَبعَ سُنبُلاتٍ خُضرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا المَلَأُ أَفتوني في رُؤيايَ إِن كُنتُم لِلرُّؤيا تَعبُرونَ﴿٤٣﴾ قالوا أَضغاثُ أَحلامٍ وَما نَحنُ بِتَأويلِ الأَحلامِ بِعالِمينَ﴿٤٤﴾ وَقالَ الَّذي نَجا مِنهُما وَادَّكَرَ بَعدَ أُمَّةٍ أَنا أُنَبِّئُكُم بِتَأويلِهِ فَأَرسِلونِ ﴿٤٥﴾ يوسُفُ أَيُّهَا الصِّدّيقُ أَفتِنا في سَبعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأكُلُهُنَّ سَبعٌ عِجافٌ وَسَبعِ سُنبُلاتٍ خُضرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلّي أَرجِعُ إِلَى النّاسِ لَعَلَّهُم يَعلَمونَ ﴿٤٦﴾قالَ تَزرَعونَ سَبعَ سِنينَ دَأَبًا فَما حَصَدتُم فَذَروهُ في سُنبُلِهِ إِلّا قَليلًا مِمّا تَأكُلونَ ﴿٤٧﴾ ثُمَّ يَأتي مِن بَعدِ ذلِكَ سَبعٌ شِدادٌ يَأكُلنَ ما قَدَّمتُم لَهُنَّ إِلّا قَليلًا مِمّا تُحصِنونَ ﴿٤٨﴾ ثُمَّ يَأتي مِن بَعدِ ذلِكَ عامٌ فيهِ يُغاثُ النّاسُ وَفيهِ يَعصِرونَ ﴿٤٩﴾وَقالَ المَلِكُ ائتوني بِهِ فَلَمّا جاءَهُ الرَّسولُ قالَ ارجِع إِلى رَبِّكَ فَاسأَلهُ ما بالُ النِّسوَةِ اللّاتي قَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ إِنَّ رَبّي بِكَيدِهِنَّ عَليمٌ ﴿٥٠﴾ قالَ ما خَطبُكُنَّ إِذ راوَدتُنَّ يوسُفَ عَن نَفسِهِ قُلنَ حاشَ لِلَّـهِ ما عَلِمنا عَلَيهِ مِن سوءٍ قالَتِ امرَأَتُ العَزيزِ الآنَ حَصحَصَ الحَقُّ أَنا راوَدتُهُ عَن نَفسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقينَ ﴿٥١﴾ ذلِكَ لِيَعلَمَ أَنّي لَم أَخُنهُ بِالغَيبِ وَأَنَّ اللَّـهَ لا يَهدي كَيدَ الخائِنينَ ﴿٥٢﴾

100%