وأما حق الرحم: فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها، مستبشرة فرحة محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الارض فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى وترويك وتظمى، وتظلك وتضحى، وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها، وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء، وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء. تباشر حرّ الدنيا وبردها لك ودونك. فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلا بعون اللّه وتوفيقه.