وَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْإِلْحَاحِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
يَا اللَّهُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ، وَ كَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ يَا إِلَهِي مَا أَنْتَ خَلَقْتَهُ، وَ كَيْفَ لَا تُحْصِي مَا أَنْتَ صَنَعْتَهُ، أَوْ كَيْفَ يَغِيبُ عَنْكَ مَا أَنْتَ تُدَبِّرُهُ، أَوْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْرُبَ مِنْكَ مَنْ لَا حَيَاةَ لَهُ إِلَّا بِرِزْقِكَ، أَوْ كَيْفَ يَنْجُو مِنْكَ مَنْ لَا مَذْهَبَ لَهُ فِي غيْرِ مُلْكِكَ. سُبْحَانَكَ أَخْشَى خَلْقِكَ لَكَ أَعْلَمُهُمْ بِكَ، وَ أَخْضَعُهُمْ لَكَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِكَ، وَ أَهْوَنُهُمْ عَلَيْكَ مَنْ أَنْتَ تَرْزُقُهُ وَ هُوَ يَعْبُدُ غَيْرَكَ سُبْحَانَكَ لَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ أَشْرَكَ بِكَ، وَ كَذَّبَ رُسُلَكَ، وَ لَيْسَ يَسْتَطِيعُ مَنْ كَرِهَ قَضَاءَكَ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَكَ، وَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْكَ مَنْ كَذَّبَ بِقُدْرَتِكَ، وَ لَا يَفُوتُكَ مَنْ عَبَدَ غَيْرَكَ، وَ لَا يُعَمَّرُ فِي الدُّنْيَا مَنْ كَرِهَ لِقَاءَكَ.
سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ، وَ أَقْهَرَ سُلْطَانَكَ، وَ أَشَدَّ قُوَّتَكَ، وَ أَنْفَذَ أَمْرَكَ سُبْحَانَكَ قَضَيْتَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ الْمَوْتَ مَنْ وَحَّدَكَ وَ مَنْ كَفَرَ بِكَ، وَ كُلٌّ ذَائِقُ الْمَوْتِ، وَ كُلٌّ صَائِرٌ إِلَيْكَ، فَتَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ. آمَنْتُ بِكَ، وَ صَدَّقْتُ رُسُلَكَ، وَ قَبِلْتُ كِتَابَكَ، وَ كَفَرْتُ بِكُلِّ مَعْبُودٍ غَيْرِكَ، وَ بَرِئْتُ مِمَّنْ عَبَدَ سِوَاكَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أُصْبِحُ وَ أُمْسِي مُسْتَقِلًّا لِعَمَلِي، مُعْتَرِفاً بِذَنْبِي، مُقِرّاً بِخَطَايَايَ، أَنَا بِإِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي ذَلِيلٌ، عَمَلِي أَهْلَكَنِي، وَ هَوَايَ أَرْدَانِي، وَ شَهَوَاتِي حَرَمَتْنِي. فَأَسْأَلُكَ يَا مَوْلَايَ سُؤَالَ مَنْ نَفْسُهُ لَاهِيَةٌ لِطُولِ أَمَلِهِ، وَ بَدَنُهُ غَافِلٌ لِسُكُونِ عُرُوقِهِ، وَ قَلْبُهُ مَفْتُونٌ بِكَثْرَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ، وَ فِكْرُهُ قَلِيلٌ لِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ. سُؤَالَ مَنْ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْأَمَلُ، وَ فَتَنَهُ الْهَوَى، وَ اسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الدُّنْيَا، وَ أَظَلَّهُ الْأَجَلُ، سُؤَالَ مَنِ اسْتَكْثَرَ ذُنُوبَهُ، وَ اعْتَرَفَ بِخَطِيئَتِهِ، سُؤَالَ مَنْ لَا رَبَّ لَهُ غَيْرُكَ، وَ لَا وَلِيَّ لَهُ دُونَكَ، وَ لَا مُنْقِذَ لَهُ مِنْكَ، وَ لَا مَلْجَأَ لَهُ مِنْكَ، إِلَّا إِلَيْكَ.
إِلَهِي أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْوَاجِبِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي أَمَرْتَ رَسُولَكَ أَنْ يُسَبِّحَكَ بِهِ، وَ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي لَا يَبْلَى وَ لَا يَتَغَيَّرُ، وَ لَا يَحُولُ وَ لَا يَفْنَى، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تُغْنِيَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِعِبَادَتِكَ، وَ أَنْ تُسَلِّيَ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا بِمَخَافَتِكَ، وَ أَنْ تُثْنِيَنِي بِالْكَثِيرِ مِنْ كَرَامَتِكَ بِرَحْمَتِكَ. فَإِلَيْكَ أَفِرُّ، و مِنْكَ أَخَافُ، وَ بِكَ أَسْتَغِيثُ، وَ إِيَّاكَ أَرْجُو، وَ لَكَ أَدْعُو، وَ إِلَيْكَ أَلْجَأُ، وَ بِكَ أَثِقُ، وَ إِيَّاكَ أَسْتَعِينُ، وَ بِكَ أُومِنُ، وَ عَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ، وَ عَلَى جُودِكَ وَ كَرَمِكَ أَتَّكِلُ.